حامد العزب خبير تربوي
عدد المساهمات : 203
| موضوع: التربية السلبية في الوحدة الثانية بكتاب اللغة العربية للسادس الابتدائي - فريد البيدق الأربعاء 30 سبتمبر 2015 - 6:52 | |
| (1) عندما عدت إلى التعليم بعد انقطاع قرأت كتب اللغة العربية من الصف الأول الابتدائي إلى الصف الثالث الثانوي، ثم ثنيت بقراءة كتاب دليل المعلم من الصف الأول الابتدائي حتى الصف الثالث الإعدادي، ثم قرأت طرق تعليم اللغة العربية للمرحلة الثانوية. ووجدت في هذه القراءة فِرَق عمل لتأليف الكتب تتكرر؛ فالصف الأول الابتدائي والثالث والخامس ألفه فريق عمل ثنائي، والصف الأول الإعدادي والصف الثالث الإعدادي ألفه فريق عمل متعدد، والصفين الأول والثاني الثانويين ألفه فريق عمل متعدد في المنهج القديم. ووجدت كذلك بعض خروجٍ على دستور العمل الذي يعلنه الفريق في دليل المعلم عندما توازن بين الدليل وبين كتاب التلميذ- جعلني مع أشياء أخرى أكتب اثنتي عشرة مقالة تناولت مقرر القراءة والنصوص فقط من الصف الأول الابتدائي حتى الثالث الثانوي، وهي: "خلو اللغة العربية من أدباء الأطفال في النثر على الرغم من اعتماد أدب الأطفال مدخلا لتعليم العربية"، و"هل يصلح جحا شخصية تعليمية؟" و"خطأ مُؤلفي الكتب التعليمية الفكري في حق الطلاب"، و"التبرج في الصور التوضيحية في كتب اللغة العربية وجه العلمانية التربوية" و"علمانية عرض نماذج القدوة في محتوى فروع اللغة العربية" و(التفكير الخرافي في درس "نعمة العقل" بالصف الثاني الإعدادي)، و"انحياز كتاب الصف الثاني الإعدادي للغة العربية لمعين بسيسو الأديب الشيوعي"، و"التعارض حول أصل الأرقام بين الثالث الثانوي والثالث الإعدادي"، و"بعض مظاهر وهم التعليم النشط في كتابي اللغة العربية للفين الأول والثاني الثانويين"، و"ادعاء سبق الشعر النثر الفني وجودا"، و"فائض القول يُفسد البناء الفني لقصة "المنصور والطيور" في السادس الابتدائي، ويُربك الفكر فيها"، و"منهج اللغة العربية الجديد للصف الأول الثانوي ومزيته اللغوية الكبرى". (2) جعلتني هذه المقالات الاثنتا عشرة أظن أنه لا جديد سيصادفني عند إعادة القراءة، لكن دوام القراءة تجعلني أقف على ما لم أقف عليه في المرات السابقة. وهذا ما حدث عند إعادة قراءتي الوحدة الثانية في مقرر اللغة العربية للسادس الابتدائي. كيف؟ وجدت أن التربية فيها تربية سلبية لا إيجابية، وفي بعض دروسها انخفض الأمر دون مستوى التربية السلبية، فما التربية السلبية؟ عندما تريد أن تحثني على الكرم فأي الطريقين تسلك؟ أتحدثني عن الكرم وتحضني عليه بدءا؟ أم تحكي لي عن البخل وتنفرني منه؟ الاختيار الأول يمثل التربية الإيجابية التي قد تكفي وحدها، والاختيار الآخر يمثل التربية السلبية التي لا تستغني عن الربية الإيجابية؛ فقد تنجح، وقد لا تنجح . (3) ماذا حدث في هذه الوحدة؟ عنوان هذه الوحدة "نوادر وطراف"، وهي تتكون من خمسة دروس: أربعة نثرية قصصية، وواحد شعري. الأربعة النثرية عناوينها هي: "ذكاء صبي"، و"من نوادر جحا"، و"المنصور والطيور"، و"الحذاء العجيب". والنص الشعري عنوانه "البخيل والدجاجة". وقد بينت في مقالات من المذكورة آنفا ملاحظاتي بخصوص الأربعة، وبقي درس "الحذاء العجيب" الذي هو موضوعي الآن، والذي يقف مع دروس الوحدة خلا "ذكاء صبي" مثالا دالا على التربية السلبية. كيف؟ في هذه الوحدة سلك المؤلفان الطريقة الثانية؛ فنجد ذكر البخل والطمع في قصيدة "البخيل والدجاجة"، ونجد ذكر البخيل مرة أخرى في "الحذاء العجيب" أكثر من مرة، ثم نجد الكذب والبخل في سياق مضحك هزلي في "من نوادر جحا". ولم نسمع الكرم ولا الرضا، إنما ترك المؤلفان الأمر للتلميذ استنتجه أم لا. فهل هذا يصلح تربية مقصودة؟ لا، لا يصلح. وليته الأمر اقتصر على الرتبية السلبية التي تذكر القيمة السالبة أكثر من مرة فقط. ماذا أيضا؟ إن هذه الدروس ترسخ في ذهن التلميذ صورة ثابتة للمزاح والطرافة مفادها استحلال الكذب كما في "من نوادرجحا"، والمبالغة المقيتة غير الهادفة كما في "الحذاء العجيب". كيف؟ (4) إن هذا الدرس قد يصلح قصة أدبية هزلية يختلف حولها، لكنه لا يصلح درسا تعليميا تربويا؟ لماذا؟ سأنقل نص الدرس حتى تدرك عزيزي القارئ مرادي. الدرس ورد في طبعة 2012/2013 ص52-53، وهذا نصه:" كان فى بغداد رجل بخيل ظل يلبس حذاءه سبع سنين، وكان كلما تقطع فيه موضع جعل مكانه رقعة إلى أن صار ثقيلاً. ذات يوم ذهب هذا الرجل إلى حمام عام ليستحم، فقال له أحد أصدقائه: ليتك تتخلص من هذا الحذاء. قال: سأشترى حذاءً جديداً. ولما خرج من الحمام رأى بجانب حذائه حذاءً آخر جديداً، فظن أن صديقه اشتراه له، فلبسه ومضى به إلى بيته. وكان هذا الحذاء للقاضى، فلما خرج القاضي من الحمام بحث عن حذائه فلم يجد غير حذاء الرجل البخيل، فأرسل القاضى خدمه إلى بيت الرجل، فوجدوا الحذاءعنده، فأحضروه للقاضى، فحكم عليه بغرامة مالية تأديباً على فعلته. أخذ الرجل حذاءه غاضباً، ومضى إلى النهر، فألقاه فيه. وأتى أحد الصيادين وألقى شبكته فخرج فيها الحذاء، فلما رآه الصياد عرفه، وظن أنه وقع من الرجل البخيل فى النهر، فحمله إلى بيته، فلم يجد الرجل. فنظر فرأى نافذة مفتوحة، فرماه منها إلى داخل البيت، فسقط على زجاج فكسره. رجع الرجل البخيل إلى بيته فرأى الزجاج المكسور، فعرف ماحدث، وزاد غضبه وتصميمه على التخلص من تلك الحذاء السيىء. صعد الرجل فوق سطح بيته، ووضع حذاءه، فرآه كلب فحمله فى فمه ليعبر به الى سطح بيت أخر فوقع على رجل فجرح رأسه. نظر الناس وبحثوا لمن هذا الحذاء فعرفوا أنه للرجل البخيل، فشكوه إلى القاضى، فحكم عليه بدفع مبلغ من المال والقيام بعلاج الرجل. وهكذا فقد البخيل كل ما يمتلكه، وأمسى فقيراً. مضى الرجل إلى القاضى، وقال له :أيها القاضي، أريد أن تكتب أنه ليست لى صلة بهذا الحذاء من قريب أو بعيد، وأننى لست مسئولا عما يفعله. ضحك القاضى، وأخذ منه الحذاء، وقال له: انصرف أيها الرجل، لقد فعلت". (4) هل قرأت عزيزي القارئ؟ بم تذكرك هذه القصة؟ بأي فيلم أجنبي تذكرك بغض النظر عن كونها مأخوذة من كتاب تراثي أم لا؟ وأسأل الأسئلة المهم: ما القيمة التربوية التي يمكن استهدافها من هذا الدرس؟ بل ما المضحك في هذه القصة؟ ولماذا تتكرر كلمة "البخيل" مرات كثيرة؟ لا أجد لها قيمة تربوية حتى لو قصدنا التربية السلبية! المصدرhttp://majles.alukah.net/t123235/
| |
|